ما فائدة الشهادة الجامعية إذا لم يكن هناك جدار أعلقها عليه ، تلك المقولة المعبرة التي لا يقولها الا فيلسوف تلقى تعليمه في ارقى الجامعات العالمية ، كانت قالتها شابة فلسطينية غضه ، شاء خالقها ان يكتب لها عمر يوقعها بين دفتي النكبة والنكسة ، يوم ان ولدت في العام 1949 وارتقت شهيدة خالدة في القلوب والعقول مثل هذا اليوم الثامن والعشرون من تشرين الثاني في العام 1968 .
هي شادية أبو غزاله الفتاة التي سبقت زمنها بسنوات ، ولدت في مدينة نابلس عاصمة جبل النار ، وتخرجت من المدرسة الفاطمية للبنات ، تلك المدرسة التي تعتبر أقدم وأعرق مدارس مدينة نابلس التي درس فيها عدد كبير من نساء المدينة ممن تقلدن مراكز مرموقة في المجتمع ، حيث كانت تعرف في العهد العثماني بالرشادية الغربية ( مع مفارقة ان الرشادية تحوي اسم شادية ) نسبة إلى السلطان العثماني محمد رشاد الخامس حيث أنشئت في العام 1909، وتم افتتاحها عام 1911 في عهد المتصرف سليمان بيك ، وجددت عام 1946 وحاول القاتل كما هي عقيدته تدميرها في اجتياحه الهمجي في العام 2002 ولم يفلح الغبي كعادته .
درست بطلتنا في ام الدنيا ، بجامعة عين شمس سنة أولى علم اجتماع ثم قررت العودة للوطن لاكمال تعليمها في جامعة النجاح الوطنية في نابلس ، حيث لم يفلح جميع أفراد أسرتها إقناعها بالبقاء في القاهرة لاستكمال تعليمها ونفذت رغبتها وعادت للوطن ، قال عنها من عاصرها انها كانت كانت متفوقة في دراستها ، جديه ، صامته ، وتحب الأطفال بشده. بدأت شادية نشاطها السياسي منذ الصغر ، فانتسبت الى حركة القوميين العرب ، وبعد النكسة وانبثاق الجبهة الشعبية من حركة القوميين العرب أصبحت شاديه عضواً قيادياً في الجبهة .
اشتركت شادية في عملية نسف باص إسرائيلي ، كذلك شاركت بل وقادت عدة عمليات عسكرية ، ولكن ولان للقدر موعدا ، كان بطلتنا في بيتها تعد قنبلة لتفجيرها في المحتل بتل الربيع ، ولكنها انفجرت بين يديها واستشهدت لتكون شادية أول شهيدة ترتقي الى باريها في تاريخ الجبهة الشعبية .
ولان الوفاء وشعبنا صنوان ، نجد شادية ابو غزالة اليوم في جباليا يعلو اسمها مدرسة للبنات تخلد اسمها في شمال قطاع غزة بمنطقة الفالوجا ، وكذلك في قلوب ابناء بلدها وزميلاتها ومنهن من اصبحن وزراء وقادة ، شادية التي كانت تردد ، أنا إن سقطت فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاح ، لها منا اليوم كل الحب والذكرى العطرة ونحن نستهدى بها وبأمثالها الطريق كلما ضاقت علينا الدنيا بما رحبت ، فياتي طيف تلك الصبية العنيدة ، الحنونه ، التي وهبت نفسها لاسرتها الكبيرة على حساب احلام الطفولة التي كانت فيها ، لقول لنا : واستمروا .